نعمة افرام المهندس الطامح إلى إصلاح أعطال الجمهورية

دنيز عطالله المدن  

16 أيلول 2022

لم يعلن نعمة افرام ترشّحه لرئاسة الجمهورية، لكنه لا يتمنّع متعففاً عند مفاتحته بالموضوع. "أنا مستعد لتحمل هذه المسؤولية إذا اختارني النواب لها".

"بروفايل" نعمة هو نقطة قوته وضعفه في آن.

فهو من كسروان، قلب جبل لبنان الماروني. نائب له حيثية شعبية. قريب من بكركي ومن الإكليروس عموماً. يحاول دائماً الإبقاء على علاقاته مع كل القوى السياسية. شبكة صداقاته الدولية جيدة. صناعي يرأس مجموعة "اندفكو" التي توظف أكثر من 10 آلاف شخص حول العالم. تساعده ثروته على تقديم كمّ كبير من المساعدات والخدمات لمنطقته، وصولاً إلى الجامعة الأميركية في بيروت.

عقل المهندس

دؤوب في البحث عن صيغ وابتكار تجمعات تُصلِح "أعطال" لبنان، هو المهندس الذي، كما يقول لـ"المدن"، "لا يمكنني أن أجد شيئاً معطلاً ولا أبادر إلى إصلاحه". يضيف "منذ كنت صغيراً وأنا أحب إصلاح الأمور من الساعة إلى التلفزيون إلى الآلات في المصنع وصولاً اليوم إلى الأعطال في النظام اللبناني".

لكن هذا "البروفايل" له وجه آخر عند منتقديه، وهم كثر في الزمن الرئاسي.

فالأحزاب "المسيحية" لا تتحمس كثيراً لماروني له حيثية شعبية قد تتيح له الرئاسة توسيع قاعدتها.

علاقاته الواسعة ويده الممدودة للجميع تجعل بعضهم يصوّبون عليه إلى حد اعتباره "ماروني مكسور سمّه"، على ما يقول أحد الطامحين للرئاسة.

ويطرح آخرون علامات استفهام حول علاقاته وحساباته مع "المنظومة" سواء السياسية أو المالية.

حتى نجاحه المهني، وعالميته في هذا المجال، تصبح تحت مجهر المساءلة: هل يجرؤ على قرارات مستقلة هو الذي يملك "مصالح" في الولايات المتحدة الأميركية والسعودية؟

منتج لبناني100 %

يفتخر نعمة افرام أنه "منتج لبناني 100 بالمئة. لا أتلقى تعليمات من أحد. لا أريد شيئاً ومستعد لكل شيء. إذا كان المطلوب من الرئيس القادم بناء وطن وهناك من يراني مناسباً لهذه المهمة فأنا مستعد. وإذا كانوا يريدون الاستمرار بإدارة مشروع المزرعة الفاشل فلست الشخص المناسب، ولديّ الكثير لأنجزه على المستوى الشخصي".

نشأ في كسروان ودرس في مدارسها قبل أن يتخرج مهندساً كهربائياً من الجامعة الأميركية في بيروت، ويتخصص لاحقاً في إدارة الأعمال في كل من جامعات ستانفورد، هارفرد وجورج تاون. لكن بقيت كسروان فضاءه الأحب، من جونية إلى غوسطا إلى القليعات وعيون السيمان، حيث له في كل بلدة منها واحته المميزة وذكريات غالية.

الكسرواني المنفتح، المفتون بلبنان، يقر أن "لا وجود للقومية اللبنانية. لبنان مجموعة طوائف كبرى وصغرى. ولنجمع اللبنانيين يجب أن نبني دولة حديثة منتجة تحترم حرية الانسان وتعمل على ازدهاره. ينتج عن هذه الدولة عقد اجتماعي متين يبلور بعدها عقداً وطنياً. قد يحتاج ذلك إلى 20، 30، 40 وربما 50 سنة، لكن علينا أن نبدأ العمل". على هذه الخلفية، أطلق افرام مع مجموعة أشخاص مشروع "وطن الانسان" شعاره "حرية، حداثة وازدهار في سبيل سعادة الإنسان، من خلال دولة المؤسسات المنتجة والرائدة، ودولة الخدمات المتفوقة".

يعتبر افرام "أن جزءاً كبيراً من مأساتنا سقوط القيم وغياب أي التزام بالمبادئ. فإذا كان تمسكنا بالحرية مساوٍ لتمسكنا بلبنان، فإن الحقوق والواجبات والعيش بكرامة من قيمنا الأساسية. ومن مبادئنا: الحداثة والإنتاجية والفرص المتساوية والازدهار".

على حافة السياسة

خاض نعمة الانتخابات النيابية عام 2018 على لائحة "التيار الوطني الحر" في دائرتي كسروان وجبيل، واستقال بعد انفجار المرفأ "احتجاجاً على الفساد وعدم إنتاجية المنظومة السياسية التي أوصلت إلى الانهيار المالي وإلى انفجار المرفأ، من دون أن تظهر الحقيقة وتتم المحاسبة إلى اليوم".

انتخب مجدداً في الانتخابات النيابية الأخيرة بعد أن شكّل لائحة مستقلة بالتحالف مع "حزب الكتائب". ومع ذلك، يبدو نعمة دائماً على حافة السياسة، بمفهومها اللبناني، وليس في خضمها. ربما لأنه ينظر إلى البلد "كمؤسسة يجب حسن إدارتها بشفافية وتنظيم ونظام واضح يلتزم به كل المنضوين فيها. والمؤسسات كائن حي. وبالتالي لا بد من التناسق والترابط والتكامل لخلق منظومة متجانسة منتجة وقابلة للتطور".

يملك نعمة تصوراً متكاملا للنهوض بلبنان يبدأ بـ"خطة حماية اجتماعية طارئة تبدأ ببطاقة صحية وتموينية وتفاصيل أخرى كثيرة. قوانين لتحفيز الانتاج. إعادة بناء المؤسسات وإعادة أموال المودعين". يتوسع في شرح "مشروع صندوق تثمير أصول الدولة اللبنانية". ويصر أن "الدولة مسروقة ويمكن وقف السرقة والهدر والفساد. فمثلاً لا أقبل أن تربح المولدات بينما شركة الكهرباء تخسر".

رئيس حكومة عهدي

بسؤاله عمن يتمنى أن يُسمى كرئيس حكومة لو كان هو رئيساً للجمهورية. يؤكد أنه يحترم الدستور الذي أناط هذه الصلاحية بالنواب والكتل النيابية. لكنه يتمنى "التعاون مع شخصية تملك التطلعات نفسها ببناء دولة حديثة على مسافة من كل اللبنانيين. نتعاون معاً لبناء المؤسسات وخلق قيمة إضافية متجددة للبلد، حيث لا تعطيل فيه بل إيجابية في العمل. وأظن أن لبنان يزخر بالنساء والرجال المستحقين لهذا المنصب، سواء كانوا يعيشون في لبنان أو في الخارج".

رئيسة حكومة منزلي

هذا في الفضاء العام. أما في الفضاء الخاص فتحتل زينة زوجة نعمة "رئاسة حكومة" عائلته الصغيرة المؤلفة من أولاده نور، حياة على اسم والدته حياة الخازن، جورج على اسم والده النائب والوزير السابق جورج افرام، وشربل.

اطلالتهما معاً في المناسبات العامة تعكس لدى كثيرين الصورة "الجميلة" للسياسي-الزوج والأب والإنسان.

لكن روابط نعمة العائلية والتزاماته تتجاوز عائلته الصغيرة. هو يترأس "امبراطورية" آل افرام وفيها الأخوة والأعمام والأولاد والجيل الثالث. يبتسم وهو يقول "أنا مُنتج جماعة متماسكة ومُحِبّة. أنا رأس جبل الجليد لكن غير المرئي منه أكبر وأمتن وأقوى". يؤمن نعمة أن "أفضل القادة والمسؤولين هم الذين يلهمون الآخرين. ليس الثواب والعقاب ما يميز أي قائد بل قدرته على إخراج أفضل ما عند الآخرين. وبالمعنى الحقيقي للكلمة، وبعمقها المسيحي، القائد هو الخادم".

في هذه المقاربة بعض من فكر شهابي متوارث في العائلة، ومفاهيمها في بناء المؤسسات وخدمة الدولة والترفع في التعاطي في الشأن العام.

فهل ينجح نعمة افرام، جار شهاب في الجغرافيا، في أن يكون "خادم" الجمهورية اللبنانية، وقائد سفينتها نحو الحداثة والإنتاجية والازدهار؟

 

افرام:  لإحقاق التوازن المالي وإلاّ قنبلة نووية بانهيار مستمر ومتجدّد

 

16 أيلول 2022

أعلن النائب نعمة افرام أنّ" الموازنة التي نحن بصدد مناقشتها بعيدة تماماً عن واقع الانهيار الأكبر الذي نعيشه اليوم في لبنان، في وقت كان يفترض فيها أن تشكّل الخطوة الأولى باتجاه التعافي المالي".

أضاف: "كنت أتمنى أن تحمل هذه الموازنة عبراً تعلّمناها من الانهيار الذي عشناه. لكن من سنتين إلى اليوم لم نر سوى حلول تشبه "الانسان المصدوم المفونس من الضو" لا يتحرّك لا يميناً ولا يساراً. لقد أوصينا في الـ2019 ضمن لجنة الاقتصاد أن تكون هناك خطّط إقتصاديّة على مدى 5 سنوات لأن مشاكلنا الكثيرة لا يمكن معالجتها خلال عام بل تتطلّب أعواماً عدة، وكان من المفترض أن تحمل هذه الموازنة أولى مداميك الحلول من ضمن خطة طويلة الأمد، لكن لم نتلمس هذا الأمر".

افرام خلال مداخلته في مجلس النواب في جلسة مناقشة الموازنة قال: " ما وصلنا إليه هو نتيجة ثلاثة أسباب وأساليب مورست على مدى 15 سنة. أولا هو القبول بالعجز في الموازنات دون أن نحرّك ساكناً، والعجز مرض قاتل.ثانيا والقبول باقتصاد غير منتج، يخلق فرص عمل وهميّة وغير مستدامة.  وثالثاً عدم الجرأة في اتخاذ القرارات غير الشعبيّة، فقد كانت الكلفة أكبر بكثير من التسعيرة في قطاع الكهرباء والطاقة والاتصالات. لقد علّمنا جيلا بأكمله أن يصرف أكثر ما ينتج وبطريقة غير واعية. إنّ اعتماد التوازن المالي كأساس لزيادة ايرادات الدولة مطلوب لتغطية نفقاتها. صحيح هذا الأمر قد يزيد الوجع على المواطن، لكن الحل بالمقابل يكون بدعم مقوّمات الصمود من خلال الحماية الاجتماعيّة واصدار البطاقة الصحّية فوراً والتي لن تكلّف على مستوى لبنان أكثر من 300 دولار للمواطن الواحد".

وتساءل افرام:" دولة كانت تعمل بـ17 مليار دولار في السنوات الماضية كيف تكون قادرة أن تعمل بمليار دولار في موازنة 2022؟ هذا يعني أنّ العجز الوارد اليوم في الموازنة غير صحيح والرقم الحقيقي سيكون مضاعفاً والخوف أن يؤخذ من الودائع المتبقية في المصرف المركزي وهذا ما نرفضه".

وأعلن:" حبّذا لو رأيت دولاراً جمركياً واضحاً في هذه الموازنة، لحماية الانتاج الوطني وتحفيز الصناعة والزراعة. الصناعة والزراعة هما القطاعان الواعدان للنهوض من الانهيار ويحتاجان إلى حماية جمركيّة قوّية عبر ربط مباشر بنسبة مئوية قد تكون 50 في المئة بين صيرفة والدولار الجمركي. كما انّ الدولار الجمركي كفيل بتغطية رواتب القطاع العام، لكنكم تتكلمون في هذه الموازنة عن 3 مرات زيادة للرواتب. إنّ كل رفع للرواتب غير مضروب أقلّه بـ16 مرّة، لن يرفع من مستوى حياة العاملين في القطاع العام ولن يشكّل فرقاً لأن التضخم وصل إلى أعلى من 20 مرة ".

افرام ختم مداخلته قائلاً: نحتاج إلى موقف سياسي قائم على إحقاق مبدأ التوازن المالي في مختلف مؤسّسات الدولة. بهذه الطريقة نكون تعلّمنا من الماضي حتى نبدأ المسار لإنهاء العجز...وإلاّ، القنبلة النووية التي أطاحت باقتصادنا بسبب العجز ها نحن بصدد تحضير أخرى شبيهة لها. نحن جيل سرق أولاده وأحفاده عندما عشنا ترف الدولار بـ1500 ليرة ولم نحفّزهم على العمل والإنتاج. اليوم، ومع هذا  الانهيار الكبير، حان الوقت أن تكون الموازنة النموذج الاقتصادي الصحيح للأجيال القادمة المبني على ثقافة الانتاج والعمل والذي لا يقبل أن يصرف أكثر مما ينتج".

 

تواصــــــــل معنا